تتعرض رؤيتنا للهندوسية للكثير من الارتباك وسوء الفهم، ففي كثير من الأحيان لا ندري هل يجب علينا التعامل معها على أنها ديانة كالمسيحية والإسلام أم أنها فقط فلسفة روحانية تتعلق برؤية الإنسان لذاته ولحياته وتجليات كل منهما، أم أنها مجموعة سلوكيات وتقاليد اجتماعية وثقافية تمثل مجتمع (الهند) وتميزه عما سواه، لكن الاقتراب من الهندوسية ودراستها يؤكدان على حقيقة أنها تجمع بطريقة أو بأخرى بين كافة هذه الأشياء.
تختلف الطريقة التي يتم بها تناول وطرح الهندوسية بين كل من الباحث والمتعبد، فليس من المتوقع أن من يعتنقون الهندوسية يرونها بالطريقة نفسها التي يراها بها الباحثون فيها؛ حيث نجد أن الاختلافات الفردية تؤثر على البحث والكتابة وعلى المحتوى الذي يقدمه كل من الباحث والمتعبد في كتابه وعلى الرغم من اعتقاد البعض أنه من الضروري ترك المعتقدات الدينية الفردية أثناء المناقشة والكتابة فإن ذلك لا يمنع تأثيرها - وإن كان بشكل لا واعي - على محتوى الكتاب.
وتظهر تلك الاختلافات بين نظرتيّ الباحث والمتعبد في مناقشة تاريخ الهندوسية من بدايتها؛ حيث نجد أن رؤية الهندوس لأصول وتاريخ تشكّل دينهم تجعلهم يعتبرونه الدين الخالد الذي ظهر منذ بداية التاريخ البشري وذلك لظهوره قديمًا منذ قبل الميلاد، وأن الهندوسية هي الدين الحق للهند وأن الجنس الآري الذي نزل عليه هذا الدين واللغة السنسكرتية التي نزل بها هذا الدين هما الأنقى والأنبل على هذه الأرض، لكننا سنجد الباحثين وهم يختلفون مع المتعبدين في هذه النقطة؛ حيث يرى الكثير من الباحثين الغربيين أن بعض الآلهة الكبرى والتطورات الدينية المهمة التي نربطها اليوم بالهندوسية مصدرها هو الشعوب الأصلية التي عاشت في (الهند) قبل وصول الآريين عام 1500 قبل الميلاد.
فقد اكتشف علماء آثار بريطانيون وهنود بقايا العديد من المدن القديمة التي يرجع تاريخها إلى 2500- 1800 قبل الميلاد أي قبل الفترة التي اعُتقد أن المهاجرين الآريين دخلوا فيها إلى شمال (الهند)، لكن فهم المتعبدين للتاريخ المبكر يتبع قواعدهم الخاصة بدلاَ من اتباع الأدلة والحجج الخاصة بالباحثين، كذلك هناك الممارسات الهندوسية فيما يتعلق بالطقوس والعبادات فقد تعامل معها الباحثون الغربيون من خلال خلفيتهم المسيحية ونظروا لتلك الممارسات على أنها خرافية ووثنية بينما غفلوا التقاليد والممارسات الفلسفية والروحانية التي تسعى الهندوسية من خلالها إلى فهم الذات والارتقاء بها وتحريرها من الشهوات.
انتقلت تعاليم الهندوسية وحقائقها وقصص الآلهة الخاصة بها فيما بين الأجيال من خلال تقليد النقل الشفهي الذي يقوم به الكهنة والرواة والمعلمين الروحيين الذين يطلق عليهم لقب (الشانكاريون)، وتنقسم النصوص المقدسة التي يتناقلها الشانكاريون إلى الوحي الذي يشير إلى تجلّي الإله في العالم وإلى النقل الذي يحتوي على قصص وروايات عن الخلق بالإضافة إلى ملاحم الآلهة الهندوسية، ويُطلق على الوحي لفظ (شروتي) بينما يُطلق على النقل لفظ (سمريتي)، وقد احتكرت عائلات كهنة البرهمية تناقل تلك النصوص شفهيًا من جيل إلى جيل على مدار قرون عديدة ولم يتم اللجوء إلى كتاباتها أو تحويلها إلى نصوص مكتوبة على الرغم من ظهور الطباعة وتطورها إلى تلك المستويات الحديثة.
ولم يكن مسموحًا بنقل تلك النصوص وتعلّم لغتها للطبقات الأخرى؛ فقد قُسمت الطبقات الاجتماعية إلى أربعة طبقات؛ الفم وهم الكهنة البرهميون، والذراعين وهم المحاربون، والفخذين وهم عامة الناس، والقدمان وهم الخدم، وكان للكهنة والشخصيات الدينية السلطة والمكانة الاجتماعية الأكبر والأهم بين تلك الطبقات، أما الطبقة الأخيرة وهم الخدم فقد كانوا منبوذين يُجبرون على العيش خارج القرية بعيدًا عمن ينتمون إلى طبقات أعلى، كما كانت توجه إليهم المهام والوظائف السيئة والصعبة والدنسة، وعلى الرغم من أن ذلك النظام الاجتماعي لم يكن قائمًا على الثروة؛ فإن من يحتلون قمة هذا الهرم كانوا هم الأكثر ثراءًا كالكهنة بينما كان من يحتلون القاع وهم المنبوذون لا يملكون أية موارد.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان